يقول الكاتب والمسرحي الإيرلندي الشهير " أوسكار وايلد " : " الحقيقة النقية البسيطة نادراً ما تكون نقية ويستحيل أن تكون بسيطة " .
منذ بداية حركة الاحتجاجات في سوريا , ضاعت " الطاسة " , و" الطاسة " عبارة عن وعاء يغرف به الماء من " الجرن " ليستحم به , وربما يستخدم لمآرب أخرى .
وعلى الفور , اعتلى صهوة ما أطلق عليه " الثورة السورية " نوعان من " المندحشين " , مندحش حقيقي , ومندحش بمعنى " المندس " بإسقاطه الشعبي , تبعا للبيئة الثقافية والأيديولوجية لمطلقه .
المندحش الحقيقي , هو صاحب الكلمة , الكلمة الرسالة , يتمتع هذا المندحش بأنه صاحب " مبدأ " , وربما زار بيت خالته في مناسبات كثيرة , في غير يوم العيد طبعاً , ودفع ثمن ما يومن به .
أما المندحش " المندس " , فهو عبارة عن راكب أمواج " كهرو ثورجية " , يتميز أنه متحول برتبة " بطل " , حين يجلس وراء شاشة " لابتوبه " مدعوماً بـ " في بي إن " , يحميه من شر كشف " البروكسي " , أو يقطن في بلد بعيد " يتثورن " و يدندن " يا صبحة هاتي الصينية " .
المندحش الحقيقي , هو رجل حقيقي , يشبه " هيثم المناع " أو " ميشيل كيلو " , هو رجل لا يخشى على الوطن منه , لإنه ببساطة " لا يباع ولا يشرى " , وأستغفر الله من كلمة " وطن " , لأن الوطن صار بحسب تطورات " دارون " على " المنسيات " " علكة تشكلس " بين " الثورجية " و " الموالين " .
المندحش المندس يشبه " متفزلكين " اعتلوا " الموجة " , نسمع بهم للمرة الأولى في حياتنا , ويتكلمون بالنيابة عنا كما لو كنا " معاتيه " والمعاتيه جمع معتوه , نفس اللفظ الذي وسمني به أحد اصدقائي مع بداية الأزمة , قبل أن يحذف خبزنا وملحنا ودمعنا , بضغطة " ريموف فرم فريندس " , لأنني اختلفت معه بالرأي .
والمندحش المندس الأخطر على ما يجري في سوريا , هو صاحب المنبر , بين رجل الدين ذو الخلفية السياسية , والصحافي ذو التاريخ المليء بالتقارير التي " خدم " بها " زملاءه " , هؤلاء مسيؤون حقيقيون لسوريا أولا , وخطرهم الأكبر يصب على " المندحشين غير المندسين " , لأنهم يشوهونهم بادعاء الانتماء إليهم .
من المؤكد أن ما يجري في سوريا , هو حراك , حراك لسوريا جديدة , حتما لن تكون كما كانت , ومن المؤكد أنها أجمل , وسينتهي عقاب " سيزيف " بمنحه حياة جديدة , بعد أن رأى الله أن " يحمل إنسان الصخرة إلى رأس الجبل لالاف المرات , أهون من أن يتحمل حكومة العطري , وبقابيقه " .
أكثر ما يؤلم في المشهد , هو الانقسام الحاصل بين السوريين , والاتهامات المتبادلة بين " العمالة " , و " البوقنة " , أكثر ما يؤلم هو الأخطاء التي ارتكبها اشخاص في السلطة , واساءت للقيادة السورية .
أكثر ما يؤلم هو الدم النازف , دماء الأبرياء , سواء كانوا بلباس مدني و أو ببزة , دماء هؤلاء سورية , طاهرة طهر علم سوريا الصغير . ونقية نقاء الله في روح طفل صغير .
أكثر ما يؤلم , هو رؤية المنافقين والدجالين , يركبون رياح " الثورة " معلنين براءتهم من كل ما سرقوه , بل ويسرقون صوت معارض في المنفى لم يرى والدته منذ 18 عاماً بسبب " تقرير " .
أكثر ما يؤلم هو رؤية إعلامنا السوري " مهلهلاً " في وجه إعلام " اخر " , ومن الطبيعي أن يكون " مهلهلاً " , إذا كان يدار بعقلية " محسن بلال " في وجه " يعرب العيسى " .
اكثر ما يؤلم أن يوصم السوري , الذي لا يريد أن يكون طرفاً , في مواجهات " دونكيشوتية " بالجالس على التل , ربما هو جالس على التل حقاً , لكن لأنه فقط لا يريد أن يكون شريكاً في جريمة نزف الدم السوري .
اكثر ما يؤلم , هو جلوس اشخاص على " كراس " فضفاضة عليهم , ليكونوا إما " بهاليل " أو دناديل " , والدندول في المطلحات الشعبية الدارجة هو " الدندول " .
اكثر ما يؤلم هو أن معظم الشعب السوري , يدرك في وجدانه أن بشار الاسد , هو رجل لا يتكرر , ومع ذلك هناك أناس موجودون في السلطة و يعجزون عن فهم فكر هذا الرئيس , ويسيئون لهذا الفكر من خلال ممارسات غير مدروسة .
ما نشرأمس من خبر توقيف لعدد من المثقفين فيما لو تأكد , وعلى رأسهم " مي سكاف " , و" ريما فليحان " , خبر محزن , ومؤلم بالنسبة لنا كصحفيين بشكل خاص , وللسوريين جميعا بشكل عام , بغض النظر عن الأسباب , لأنهم كانوا تحت سقف الوطن , لم يخربوا ولم يطلقوا النار على أحد .
باسمنا في عكس السير , وباسم الصحافيين والمثقفين السوريين , نتوجه بنداء للدكتور بشار الأسد , الذي نحب ونثق به , أن يوجه بإطلاق سراح " مي اسكاف " ورفاقها , لأن حبه لشعبه , هو الكفيل بإصلاح كل الأخطاء التي ارتكبها من وجد في السلطة ولم يعط الأمانة حقها .'