غـــيـــاب

منذ زمن ليس بقريب لم أمسك القلم والورقة كي أكتبك ،، بعد أن اعتدت كتابتك كل ليلة كما كنت بصغري أكتب فروضي المدرسية..
لم لا أستطيع أن أكتب إلا عندما أحزن؟ لم حروفي تتناسق عندما تكون حزينة؟ أيجب أن أغرق في بحر من الأحزان كي أكتب؟ لم لا تستطيع حروفنا أن تنزف فرحا أو ترقص طربا؟ لم دائما نسطر أحزاننا بحزن جميل ونبض حزين؟
يا لجمال حزننا ويا لغرابة حالنا!!

قررت أن أكتبك اليوم سيدي بعد غياب بعيد، فقد لمحتك تتجول في ذاكرة وطني، وسمعتك تدق باب القلب بصمت، جئت تبحث عنك بغرور، زرت قلبي يا سيدي، سقيت وروده وأحييت جرحه وذهبت، جئت لتطمئن على عرشك في مملكتي، أطمئنك يا سيدي لا داعي للقلق ، فمنذ أن غادرتني أقفلت البوابة بإحكام وألقيت بالمفتاح خلف السور، ولم يستطع أن يعثر عليه أحد..

أتعلم؟؟ منذ غيابك كل شيء بقي على حاله كما تركته، لم يتغير الكثير يا سيدي سوى أن الأشياء فقدت طعمها، ففي غيابك أصبحت الأشياء كالماء النقي، لا طعم لها ولا لون ولا رائحة. الأيام يا سيدي متشابهة والليالي والدقائق والساعات متشابهة، أصبحت الوجوه متشابهة والحضور كالغياب، والنهار كالليل، الحزن كالفرح، وكل شيء ككل شيء...

لكن هاتفي ما زال منتظرا مكالمة صادرة أو رسالة عاجلة تأتيني منك، نسيت أن أخبرك، رقم هاتفي لم أغيره علّك في يوم احتجتني، فكل العناوين التي تعرفها عني تغيرت، إلا رقم هاتفي لم أشأ أن أقطع الأمل الوحيد المتبقي الذي ربما يعيدك إلي وتعيد إلي الحياة وتعيد لقلبي النبض ربما!!

عند الرحيل أخبرتك بأنه لا فرق بين حضورك والغياب، لكن يا سيدي!! الآن الآن فقط أدركت الفرق، أحسست بقيمة ما كنت أملك، لم لا نعلم قيمة الشيء إلا عندما نفقده؟ هل لأننا فقدناه؟ ولو لم نفقده هل كنا عرفنا قيمته؟؟
أرجوكم يا من تقرأون كلماتي اعرفوا قيمة ما تملكون في الوقت الذي تملكون..

وأنت يا سيدي.. ألن تعود؟؟ بربك كفى فمنذ أن غادرتني أصبحت أنت في قائمة "المفقودين" وسجّلت أنا في قائمة " أموات على قيد الحياة" ...