يا صديقَ الجراحِ والدَّمُ نَهْرٌ
كَيْفَ قَدَّرْتَ أَنَّنا لَمْ نُواسِكْ
وطنٌ واحِدٌ مُدَمَّى ويحتاجُ
مِراسِي احتِيَاجَهُ لِمراسِكْ
نَحْنُ قَوْمٌ مناضِلونَ إلهيُّونَ
فيهِ وَذِي الجراحُ مَنَاسِكْ
وطني يا امْتدادَ قلبي على كُلِّ
تُرابٍ يَضُوْعُ مِنْ أَقْداسِكْ
وطني يا انْتِثارَ أشواقِ روحي
بين أفلاكِ جارياتِ كِنَاسِكْ
حاولَ المارقونَ قتلَكَ فالسَّيْفُ
غريبٌ والكفُّ مِنْ أَنْكاسِكْ
إنَّ جَيْشاً وإِنَّ أَمْناً وشَعْباً
وَرَئيساً واللهَ خَمْسُ حَوَاسِكْ
// // //
أراكِ وَهَبْتِ للحُسْنِ اقْتراباً
إلى إحساسِ مُهجةِ مَنْ يَراكِ
أَلاياليتَ شعري أيُّ طَعْمٍ
لِقُبْلَتِيَ الغَريْقةِ في لَماكِ
وأيَّ سعادةٍ سَيُصِيْبُ جَفْني
إذا عَرِيتْ بخلوتِهِ رُؤاكِ
أغارُ عليكِ إِسهاباً وقبلي
(عليٌّ) غارَ مِنْ عُودِ الأراكِ
تشابَكَ بَيْنَنا جَيْشا مَعَانٍ
ضواحِكَ ضِمْنَ رُوْحَيْنا بَواكِ
وَجِسْمانا وَبَيْنَهما تدانٍ
ولكنْ لم يَقَعْ أَيُّ اشتباكِ
وكمْ يَرْنُوْ إلى عينيكِ وَجْدي
فَيَفْهَمُ ما يَشُعُّ بهِ جَواكِ
ولا عَجَباً أُمَا سَارتْ بِنُورٍ
على نَهْجِ البلاغةِ مُقْلتاكِ
أرى سِحْرَ الطبيعةِ لا يُجاري
جمالَكِ يا عَجِيْبَةَ مَنْ بَراكِ
تَمادِي العبقريّةِ في يراعي
بعيدُ مدىً وراءَ مَدى مَداكِ
فلا يكُ عِنْدَ (أفلاطونَ) هَمٌّ
فإني للطبيعةِ لا أُحاكي
ولا تَطْرُدْ مَدِيْنَتُهُ أديباً
لَهُ فضلُ البُراقِ على المذاكي
وما غيرُ المهيمنِ لي نصيرٌ
ولو ذا الغيرُ أمسَكَ بالسِّماكِ
ولمْ أُحْبِبْ بكاءً واشتكاءً
إذا كَثُرَ التَّباكي والتَّشاكي
ولمْ أرفَعْ على أحدٍ مَقامي
ولمْ أنصِبْ له يوماً شباكي
ولمْ أَقْدَحْ بهِ قَصْدَ التَّشَفِّي
ولمْ أمْدَحْهُ دَرْءاً للعِراكِ
ولمْ أشْمَتْ بهِ لحُلُولِ كَرْبٍ
ولم أحْسُدْهُ مِنْ فَرْطِ امتلاكِ
ولمْ أُغْرِقْ بياني عندَ زَهْرٍ
بوصفِ العطرِ فيهِ وَهْوَ زاكِ
طِباعٌ بي فُطِرْنَ فليسَ منها
ولو حاوَلْتُ ذاكَ مِنِ انْفِكاكِ
// // //
هذا الحديثُ المدَمَّى كُلُّ أَحْرُفهِ
حَيرى الجراحِ بذاك الواقع ِ الدَّامي
كنَّا نعيشُ زماناً لَيِّناً رَسَمَتْ
مُرورَ أعوامِهِ هَبَّاتُ أَنْسامِ
سُبحانَ ربّيَ ماأقسى الأنامَ على
قلبِ الزمانِ بإِرْجافٍ وإجرامِ
أُمومةُ الأرضِ منذُ البَدْءِ قَدْوَسِعَتْ
بُنُوَّةَ الناسِ مِنْ عَطفٍ وإِنعامِ
ماكانَ سالَ دَمٌ عُقَّتْ أَخُوَّتُهُ
لو أنَّ ثَمَّةَ مَعْنِيّاً بأَرْحامِ
نَحْنُ الحضاراتُ فوقَ الأرضِ فَارِشةً
شرقاً وغرباً جَنَاحَيْ مَجْدِها السَّامي
نَحْنُ النُّبُوَّاتُ باسْمِ اللهِ مَالئةً
بالنُّورِ أَعيُنَ أرواحٍ وأجسامِ
نَحْنُ الحياتانِ مِنْ دُنيا وآخرةٍ
فَمَنْ يُفاخِرُ حَقَّيْنا بأَوْهامِ
لسْنا نلومُ غريباً عَنْ ثقافتِنا
فيما عَهِدْناهُ مِنْ ظُلْمٍ وإِظلامِ
لكنْ نلومُ الألى نَدْعوهُمُ عَرَباً
إنْ كانَ ينفعُ فيهمْ لَوْمُ لُوَّامِ
الدِّينُ والأرضُ والتاريخُ والدَّمُ وَ
الفُصحى تُناطُ بآمالٍ وآلامِ
قوميّةُ العَرَبِ العرباءِ عِزَّتُهمْ
تُصانُ منهمْ بأسيافٍ وأقلامِ
قوميّةُ العَرَبِ العرباءِ كعبتُهمْ
يُطافُ فيها بإحْلالٍ وإِحْرامِ
قومية العرب العرباءِ شِعْرُهُمُ
يُرَنِّمُ الحُبَّ في وَحْيٍ وإِلهامِ
إنْ لمْ تُوَحِّدْهُمُ قَوْمِيَّةٌ فعلى
الدُّنيا سلامُ سلامٍ جِدِّ عَلاَّمِ
أرى العروبةَ كالإسلامِ قَدْ فَقَدَتْ
وَهْجَ الحماسةِ منها في سوى الشَّامِ
ما عادَ شِعْرُ أبي تمّامَ يُلْهِبُنا
مشاعِراً ليتَ شعري أَيُّ نُوَّام ؟
ولا مُدامِ أبي النُّوَّاسِ تُسْكِرُنا
تَطرُّباً ليت شعري أيُّ أصنامِ
ولا صبابةُ عُذْرِيٍّ تُهَدْ هِدُنا
عواطفاً ليتَ شعري أيُّ أَنْعامِ
ولا هِياجُ فتى عَبْسٍ يُحَرِّكُنا
بَسالةً ليتَ شعري أيُّ أقزامِ
ولا حديثُ رسولِ اللهِ يُقْنِعُنا
أنَّ الأذى ما أتى عَنْهُ بأحْكامِ
ولا القراءةُ في القرآنِ تُسكِتُنا
عَنْ هَتْكِ أَعْراضِ محفوظينَ مِنْ ذامِ
ولا المخافةُ مِنْ ذي العرش تمنعُنا
مِنْ أَكْلِ مالِ مساكينٍ وأيتامِ
فَدَعْ حديثاً عَنِ الإسلامِ يارَجُلاً
حَدِيْثُهُ الصُّلْبُ عَنْهُ غَيْرُ إِسلامي
موتُ الشُّعوبِ بهذا العَصْرِ أَمْرَكَةٌ
عَوراءُ دَجَّالةٌ تمشِي على الهامِ
خطفٌ وطرْدٌ وتجويعٌ وتصفِيةٌ
بمظهَرٍ لَبِقٍ في العرضِ إِعلامي
سياسةٌ ما سَمِعْنا مِثْلَ خِسَّتِها
في عَهْدِ طاغيةٍ في الأرضِ ظَلاَّمِ
سياسةٌ قَطَّعَتْ أوطانَنا قِطعاً
وماالشعوبُ سوى قِطعانِ أغنامِ
ولو نَظرْتَ بغير المقلتينِ ترى
الأعرابَ خَلْفَ عصاً في كَفِّ حَاخامِ
فَلْيَرْحَمِ اللهُ منهمْ نخوةً قُتِلَتْ
غدْراً وكانَ لها إقبالُ أيَّامِ
كمْ فِتْنَةٍ زَرَعُوا كم فُرْقَةٍ حَصَدوا
كمْ ثَمْرةٍ أَكَلوا مِنْ دونِ إِطعامِ
ونحن في الشَّرْقِ تسبيحٌ لِقُوَّتِهمْ
وَمَحْضُ شكرٍ وإكبارٍ وَ إِعظامِ
عَمالةٌ لَخَّصَتْ كُلَّ الدَّناءَةِ مِنْ
كِذْبٍ وزُورٍ وتكفيرٍ وإِرغامِ
أنهارُ أموالِهمْ بالموتِ تَرْفُدُ أنهارَ
الدِّماءِ بنا أَكْرِمْ بإكْرامِ !!
سام يوسف صالح 7/2/2012م